شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.
حول أركان الصلاة (لقاء مفتوح)
7696 مشاهدة
الصلاة تنقسم إلى سرية وجهرية

الصلاة تنقسم إلى سرية وجهرية.
صلاة الظهر والعصر يسر الإمام فيها بالقراءة؛ ولعل السبب في ذلك أن النهار يكون كل منشغل بحرفته، وبأعماله الدنيوية؛ فلأجل ذلك يؤمر كل واحد أن يقرأ لنفسه؛ يقرأ الإمام لنفسه، والمأموم لنفسه؛ حتى يكون ذلك أدعى إلى حضور قلبه عند القراءة، إذا قرأ لنفسه استحضر ما يقرؤه، وتذكره، وأحضر قلبه له، وحينئذ أيضا يحضر قلبه في الركوع، وفي السجود، وفي القيام، وفي القعود، وفي القراءة، وفي الأدعية؛ يقرأها عن ظهر قلب، وهو مستحضر لذلك حاضر القلب، حاضر اللب.
وأما الليل، فإن الليل عادة تنقطع فيه الشواغل؛ بحيث أنهم عادة صاحب الحرث يبيت ويترك سقي الحرث، وصاحب الماشية يأتي بها ويتركها تبيت، وصاحب الوظيفة، أو صاحب التجارة عادة أنهم يتركون ذلك في الليل، فإذا جاءت صلاة الليل شُرع أن يجهر الإمام بالقراءة؛ يسمعهم القراءة في الركعتين الأولتين من المغرب والعشاء، وفي صلاة الصبح صلاة الفجر، ويقصِّر في صلاة المغرب؛ لأنهم عادة منهكون من الأعمال؛ يعني: بعد تعب وبعد لأي، ويطيل في صلاة الفجر؛ لأنها منتهى الليل وبعد الراحة، ولأنهم قد أعطوا أنفسهم حقها فناسب أن يطيل في القراءة حتى يستفيدوا.
فهذه هي الحكمة؛ يطيل في القراءة ويجهر بها؛ حتى يستفيدوا من قراءته ومن سماعه؛ وذلك لأنهم بعد النوم يحسون بالنشاط، ويحسون بالرغبة، وقد أعطوا أنفسهم حظها من الراحة، فكان عليهم بعد ذلك أن ينصتوا للقراءة، وأن يخشعوا في قراءة صلاة الفجر، ولذلك سمى الله هذه الصلاة بالقرآن في قوله -تعالى- وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا هذه هي الحكمة.
إذا تأمل المسلم هذه الحكم عرف أن الله -تعالى- هو الحكيم العليم، وأنه ما أمرنا بهذه الصلاة إلا لما فيها من المصالح العظيمة؛ التي منها تذكيرنا بالقيام بين يدي ربنا، وتذكيرنا بعبادته، وأن هذه الصلاة تعتبر أعظم الأمثلة لعبادة الله، تعالى. نكتفي بهذا، والله أعلم، وصلى الله على محمد .
أسئـلة
س: ...............................؟
هذا خطأ وأن الصواب عدم الترخص فيها؛ لقوة الخلاف، فالخف المخرق، أو الجورب المخرق، الخف المخرق يمكن أن يقال: إنه يترجح عند بعض العلماء كشيخ الإسلام، أنه يمسح عليه، وأما الجورب المخرق فلم يقل بذلك أحد فيما نعلم، وكذلك نرى انتقاض الوضوء إذا خلع الجوارب الشراب بعدما انتقض وضوءه، ولو كان على وضوء، فلو مثلا توضأ لصلاة الفجر ولبس الخفين، أو الجوربين ثم انتقض وضوءه، ثم توضأ لصلاة الظهر، ثم خلعهما بطل وضوءه؛ وذلك لأن رجليه بارزتان لا مغسولتين ولا ممسوحتين، أو الحائل الذي مسح عليهما قد زال؛ فكأنه متوضئ إلا قدميه، فلا ينبغي التساهل في مثل هذا.
وأما القنوت بغير العربية فإذا كان الحاضرون لا يفهمون بالعربية جاز أن يدعو لهم بالدعاء الذي يفهمونه؛ كما لو كانوا كلهم يفهمون لغة الأردو، أو لغة البشتو، أو لغة السنهال، وما أشبه ذلك، فإنهم إذا دعا باللغة العربية لم يفهموا ما يقوله؛ فيدعو بالدعاء الذي يفهمونه، وأما القراءة فلا يقرأ إلا بالعربية قراءة الفاتحة، وقراءة السورة، وأركان الصلاة وما أشبها .
س: هذا السؤال متكرر أربع مرات أو خمس مرات يسألون عن تربية الشعر من غير تقليد أو من غير قصد تقليد الكفار هل هو حرام أم لا بالنسبة للبنين (الأولاد)؟
الشعر زينة للنساء، زينة المرأة في تربية شعر رأسها وتسريحه وترجيله وجعله ذوائب وقرونا، فيعتبر زينة للنساء؛ أما الرجال فيعتبر جائزا، ولكن لا يطيلونه كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبلغ شعره إلى شحمة أذنه، وأحيانا إلى كتفه، يعني: إلى منتهى الرقبة، وكأنه إذا زاد يقصه، ويحلقه إذا كان في نسك، ويعتني به، وأما العلماء الآخرون فإنهم لم يكونوا يعتنون به، ويرون أنه من العادات، ليس من السنة، وليس من الزينة، وإنما هو من العادات؛ من توفر له وتيسر له رباه واعتنى به، وإن شق عليه فالأولى حلقه مثلا، وإزالته سيما إذا كان فيه تشبه بالكفار، أو ما أشبه ذلك .
س: هذا يسأل عن كتابين : الكتاب الأول رياض الصالحين للمحقق حسان عبد المنان يقول: حيث إنه ضعف ما يقارب مائة ونيفا من الأحاديث، والكتاب الآخر فقه الزكاة للدكتور يوسف القرضاوي ؟
بالنسبة إلى رياض الصالحين نرى أن أحاديثه قد صححها النووي أو حسنها، وأنه لم يخرج عن السنن، ولا عن الصحيحين إلا قليلا؛ فأحاديثه معتمدة، اقتصر فيها على ما صح، وهذا المحقق الذي ضعف هذا الكم من الأحاديث نرى أنه تشدد؛ يمكن أن يكون هناك حديث أو حديثان نزلا أو أحاديث قليلة عن درجة الحسن، فلذلك نرى أنه لا يعتمد هذا التضعيف الذي هو الطعن في أحاديث قد صححها الأئمة، وإذا وجدت أحاديث فيها مطاعن ظاهرة، الطعن فيها قوي فلا مانع من الاعتذار فالنووي ليس بمعصوم بل يقع منه بعض، يعني الاجتهادات التي قد لا يوافقه فيها غيره، كما في تأويله لبعض الأحاديث، أو ما أشبه ذلك.
وأما فقه الزكاة للقرضاوي فهو كتاب وضعه باجتهاده، ولا شك أن المجتهد يقع منه أحيانا بعض الأخطاء التي يوقعه فيها ميله واختياره؛ لا شك أن عليه بعض الملاحظات، نرى أنه لا بأس بقراءته والاستفادة منه، مع الاحتياط عن بعض الأخطاء والملاحظات التي وقع فيها.
س: هذا السائل يقول: هل يجوز للمرأة أن تحج مع مجموعة من النساء بدون محرم؟
فالأصل أنه لا يجوز، ولكن ذهب الإمام مالك في الموطأ إلى أنها إذا لم تجد محرما جاز أن تحج مع نسوة ثقات؛ قال: لأن الحج ركن، والمحرم واجب، ولا يترك الركن للواجب؛ هكذا قال -رحمه الله- اشترط أن تكون مع نسوة ثقات؛ مع أن السفر في ذلك الزمان سفر طويل، يعني: قد تغيب عن بلدها سيما من المدينة نحو شهر، يعني: عشرة أيام ذهابا، وعشرة إقامة، وعشرة رجوعا.
وكذلك عمل بهذا قوم من أتباع مالك فكانوا يرسلون نساءهم وتغيب عنهم ستة أشهر في الزمن القديم من أقصى البلاد من المغرب ومن الأندلس من أقصى البلاد؛ فهذا رأيه واختياره، والجمهور على أن ذلك لا يجوز، لكن في هذه الأزمنة قد يتسامح في ذلك؛ لأسباب:
أولا: قرب المسافة التي كانت تقطع في شهرين أصبحت تقطع في بضع ساعات بواسطة الطائرات والباخرات ونحوها، فلا يكون هذا سفرا ينهى عنه.
ثانيا: أن السفر يكون مع مجموعة؛ الطائرة تكون ممتلئة، وكذلك الباخرة، فلا يكون هناك خلوة؛ بل الأصل أنهم مجموعة والمرأة تندمج مع النساء، ولا يكون فيها خلوة ولا محذور.
ثالثا: مشقة الدخول إلى المملكة بالنسبة إلى القرى البعيدة، فإنه يشق عليهم أن يأتوا كل سنة، ويحدد لهم عدد؛ لا يحج منكم هذه السنة إلا عشرة آلاف أو عشرون ألفا، فقد يتيسر للمرأة ولا يتيسر لزوجها أو لمحرمها، فإذا كانت مع نسوة ثقات معهن محارمهن، فلعل ذلك مما يتسامح فيه بقدر الحاجة.
وكذلك أيضا ابتلينا بالخادمات اللاتي تركن أهلهن يكونون مثلا من إندونيسيا أو ماليزيا يشترطون على صاحبها الذي يستدعيها أن يحج بها أن يمكنها من الحج؛ ففي هذه الحال لا بأس بذلك، ولأنها تحج مع حملات، والحملات يميزون الرجال من النساء؛ يعزلون النساء في السيارات وفي الخيام، ولا يتصل بهن من يخشى منه محذور؛ فتخف المسألة، ويخف الخطر بقدر الحاجة، فإذا لم يكن هناك ضرورة، فالأصل منع المرأة أن تسافر إلا بمحرم.
س: السؤال الأخير يا شيخ: هذا يسأل عن صلاة التسابيح يقول: هل هي حلال ولا حرام، لأن هذا السؤال حقيقة عرض أكثر من مرة، ولعل الإخوان يعني أستمحيهم عذرا بعدم عرض أسئلتهم لأن الأسئلة كثيرة ؟
نختار أنه ليس بصحيح؛ الحديث الذي فيه صلاة التسبيح لم يثبت، ولو رواه الإمام أبو داود والترمذي ولو صححه من صححه من المتأخرين أو المتقدمين؛ وذلك لغرابته؛ ولكونه على غير الشكل الذي جاءت به السنة في أداء الصلاة، فإن الصلاة شرعت على صفة معينة معلومة؛ فهذه الصلاة التي هي صلاة التسبيح فيها غرابة؛ فلأجل ذلك ما ذكرت عند الأئمة الثلاثة، فلم يذكرها ولم تذكر عند الإمام أبي حنيفة ولا نقل عنه فعلها، كذلك الإمام مالك إمام دار الهجرة لم يذكرها ولم ينقل عنه فعلها، ولو كانت مشروعة وهو في المدينة لما خفيت عليه ولا خفيت على علماء المدينة الذين هم يحرصون أشد الحرص على العمل بالسنة النبوية؛ كذلك أيضا الإمام الشافعي ما ذكرت عنده ولا ذكرت عنه، ولا نقل عنه فيها شيء.
أما الإمام أحمد فنقل عنه شيء يسير في حكمها، ولكنها ما صحت عنده، فمسنده الذي فيه حوالي ثلاثين ألف حديث ما روى هذا الحديث، مع شهرته عند المتأخرين؛ فلأجل ذلك المختار أنه لم يثبت؛ يصلي الإنسان الصلوات المعتادة، أما هذه الصلاة الغريبة التي صفتها غريبة، فنرى أنها لم تثبت؛ فمن رجح ثبوتها فنحن لا نلوم من ترجح عنده شيء بسبب من الأسباب.
صححها من المتقدمين الحاكم والحاكم يصحح أحاديث ضعيفة ولم يوافقه الذهبي مع أنه رواها بإسنادين الذهبي الذي لخص أحاديث المستدرك ما وافقه على صحة الحديث؛ مما يدل على أنه ضعيف، وغير ذلك ممن ضعفه....